[لنذكر أننا نتناول الجسد الجالس على العرش، و
المسجود له من الملائكة] (1)
القديس يوحنا ذهبي الفم
فوجئت حديثًا بقول شائع يفسر غرض الصوم قبل التناول من الأسرار المقدسة حتى
تكون المعدة خالية تمامًا، حتى يُهضم الجسد و الدم
الذي نتاوله هضمًا كاملاً ولا يتبقي منه أي شئ للاخراج !!
من الناحية العلمية، هذا الكلام طبيًا عاري تمامًا عن
الصحة، و لكن هذا ليس بموضوعنا الأساسي ..
الكارثة ليست في الجهل العلمي، بل في الجهل العقائدي
الإيماني .. أن نفكر بأسلوب جسدي و مادي في هذا السر المستيكي العظيم الفائق للوصف
و الإدراك !!
و
لنستعرض بعض آراء قديسي و آباء الكنيسة عن هذا الفكر..
يقول القديس كيرلس الأورشليمي:
[هذا الخبز المقدس الذي يُوزع لغذاء النفس. هذا الخبز لا ينزل إلى الجوف، ولا يُدفع إلى المخرج. و لكنه يُوزع على كل بنيتك لفائدة النفس و الجسد] (2)
[هذا الخبز المقدس الذي يُوزع لغذاء النفس. هذا الخبز لا ينزل إلى الجوف، ولا يُدفع إلى المخرج. و لكنه يُوزع على كل بنيتك لفائدة النفس و الجسد] (2)
و يقول القديس يوحنا ذهبي الفم:
[لا تنظر إليه على أنه خبز، ولا تحسبه خمرًا، و كذلك لا تظن أن هذه تفرزها مخارج جسدك مثل بقية الأطعمة. ليهلك هذا الفكر! و لكنه يشبه الشمع الذي يلامس النار، فلا يضيع منه شىء ولا يتبقى منه باقٍ. هكذا أيضًا نتناول و الأسرار الإلهية لا تستهلك بملامسة مادة أجسادنا.] (3)
[لا تنظر إليه على أنه خبز، ولا تحسبه خمرًا، و كذلك لا تظن أن هذه تفرزها مخارج جسدك مثل بقية الأطعمة. ليهلك هذا الفكر! و لكنه يشبه الشمع الذي يلامس النار، فلا يضيع منه شىء ولا يتبقى منه باقٍ. هكذا أيضًا نتناول و الأسرار الإلهية لا تستهلك بملامسة مادة أجسادنا.] (3)
و يذكر أيضًا الدكتور چورچ حبيب بباوي عن
قداسة البابا كيرلس السادس أنه قال:
[يعني لما بتتناول وتاخد جسد الرب و دمه، يبقى بعد التناول خلاص اﺗﻬضم المسيح و تحوَّل إلى طعام بائد زي الفول و الطعمية؟ رب اﻟﻤﺠد الجالس على الشاروبيم هوَّ اللي يحولنا إلى حياته و مجده، مش احنا اللي نحوله فينا إلى طعام بائد.] (4)
[يعني لما بتتناول وتاخد جسد الرب و دمه، يبقى بعد التناول خلاص اﺗﻬضم المسيح و تحوَّل إلى طعام بائد زي الفول و الطعمية؟ رب اﻟﻤﺠد الجالس على الشاروبيم هوَّ اللي يحولنا إلى حياته و مجده، مش احنا اللي نحوله فينا إلى طعام بائد.] (4)
فيا ليتنا نتوقف
عن ترديد بعض العبارات مثل:
"ماتتفش بعد المناولة ،ماتمشيش حافي بعد المناولة،
لو عندك نزيف متتناولش ..إلخ لاحسن
تفقد الجسد و الدم" !!
فنحن
لا نفقد الجسد المقدس و الدم الكريم في إفرازتنا الجسدية .. نحن لا نحوِّل
جسد و دم الرب القدوس إلى أكل مهضوم (digested food)،
فهذا الغذاء السمائي لا
يخضع
للقوانين و العمليات البيولوجية، بل بالحري هو من يحوِّلـنا إليه. يشرح لنا هذا
التحوُّل القديس غريغوريوس النيسي فيقول:
[فكما أن خميرة صغير -بحسب قول الرسول (كورنثوس الأولى
٥: ٦)- تجعل العجين كله مشابهًا لها، هكذا أيضًا هذا الجسد الذي جعله الله غير مائت،
حينما يحل داخل جسدنا فإنه يحوِّله و ينقله كله إلى ذاته. فكما أن العقار المهلك إذا
امتزج بالترياق الشافي فإن مزيج الاثنين يكون كله غير ضار، هكذا أيضًا الجسد غير المائت
حينما يحل في الذي يتناوله فإنه يحوِّله بكامله إلى طبعه الخاص.] (5)
و
يقول دكتور هاني مينا ميخائيل:
"فأننا
لا نأكل لنستهلك و نمضغ و نهضم في أجسادنا لا اللاهوت ولا الناسوت أيضًا. و ذلك لأننا
لسنا آكلي لحوم بشر ولا نشرب دماء بشر، ولا نستهلك جسدا بشريًا ولا لاهوتا إلهيًا!
فالحقيقة أن ما نتناوله
هو قوة إلهية و هبة نارية في شكل مادي لا يتغير ماديًا بعد الصلاة و التقديس عن
مادته الأولى. و لكنه أيضًا متى إتحدنا به بالفم هو لا يتحول فينا إلى مادة بل
يحولنا نحن إليه، يحولنا إلى نور و نار روحية، نور و نار محبة و إتحاد لا يُرى ولا
يُسمع ولا يُفحص ماديًا، بل يستدل عليه بمظاهر الإيمان العامل بالمحبة." (6)
نفهم مما سبق اننا لا نأكل الجسد و نشرب الدم بمعنى
نستهلك (consume)، بل نأكل و نشرب بمعنى نتحد و نشترك (partake). يمكننا أن
نشبهها بالشعلة الواحدة التي تضئ نيران عدة بينما لا ينقص الضوء من الشعلة الأولى
بإشعال مشاعل كثيرة، أو كما قال القديس يوحنا ذهبي الفم أنه يشبه الشمع الذي يلامس
النار، فلا يضيع منه شىء ولا يتبقى منه باقٍ. هكذا أيضًا نتناول و الأسرار الإلهية
لا تستهلك بملامسة مادة أجسادنا (3).
"هذَا
هُوَ الْخُبْزُ النَّازِلُ مِنَ السَّمَاءِ، لِكَيْ يَأْكُلَ مِنْهُ الإِنْسَانُ
وَلاَ يَمُوتَ. أَنَا هُوَ الْخُبْزُ الْحَيُّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ.
إِنْ أَكَلَ أَحَدٌ مِنْ هذَا الْخُبْزِ يَحْيَا إِلَى الأَبَدِ. وَالْخُبْزُ
الَّذِي أَنَا أُعْطِي هُوَ جَسَدِي الَّذِي أَبْذِلُهُ مِنْ أَجْلِ حَيَاةِ
الْعَالَمِ». فَخَاصَمَ الْيَهُودُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا قَائِلِينَ: «كَيْفَ
يَقْدِرُ هذَا أَنْ يُعْطِيَنَا جَسَدَهُ لِنَأْكُلَ؟» فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ:
«الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَأْكُلُوا جَسَدَ ابْنِ
الإِنْسَانِ وَتَشْرَبُوا دَمَهُ، فَلَيْسَ لَكُمْ حَيَاةٌ فِيكُمْ. مَنْ يَأْكُلُ
جَسَدِي وَيَشْرَبُ دَمِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي
الْيَوْمِ الأَخِيرِ، لأَنَّ جَسَدِي مَأْكَلٌ حَقٌ وَدَمِي مَشْرَبٌ حَقٌ. مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِي وَيَشْرَبْ دَمِي
يَثْبُتْ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ. كَمَا أَرْسَلَنِي الآبُ الْحَيُّ، وَأَنَا حَيٌّ
بِالآبِ، فَمَنْ يَأْكُلْنِي فَهُوَ يَحْيَا بِي. هذَا هُوَ الْخُبْزُ الَّذِي
نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ. لَيْسَ كَمَا أَكَلَ آبَاؤُكُمُ الْمَنَّ وَمَاتُوا. مَنْ
يَأْكُلْ هذَا الْخُبْزَ فَإِنَّهُ يَحْيَا إِلَى الأَبَدِ»." (يوحنا ٦: ٥٠-٥٨)
فإن كان الرب
يقصد الأكل بالمعنى الجسدي، أي الاستهلاك، لم يكن ليؤكد أنه الخبز النازل من
السماء، ولا أنه يعطي حياة أبدية و ثبات في الله. فيقول القديس أثناسيوس الرسولي:
[و لنسأل كم عدد البشر الذين يمكن أن يقدم لهم جسده المادي؟ و ماذا عنه
كغذاء للعالم كله؟ لهذا السبب تحدث عن صعود ابن الإنسان إلى السماء لكي يبعد عن
أفكارهم كل التصورات المادية عن جسده، و لكي يفهموا جيدًا بدون أي تصورات مادية أن
جسده الذي يتكلم عنه هو طعام سمائي يأتي من فوق كغذاء روحي يعطيه هو بنفسه. و حقًا
قال: " كَلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ
بِهِ هُوَ رُوحٌ وَحَيَاةٌ" (يوحنا
٦: ٦٣) أي ما أعلنه، و ما سيعطيه لخلاص العالم هو جسده، و لكن هذا الجسد عينه بما
فيه من دم سوف يعطى لكم بواسطتي روحيًا و كطعام بطريقة روحية سوف يوزع على كل واحد
منكم لكي يصبح عربون القيامة و الحياة الأبدية.] (7)
و يوضح القديس كيرلس الكبير في مقاله
الرابع ضد نسطور حقيقة هامة عن الجسد الذي نأكله قائلاً:
[لأننا إن لم نأكل جسد مَنْ هو الحياة (الجسد المتحد باللاهوت)، لا نحيا.
و إن أكلنا جسدًا بشريًا (وحده، بدون اتحاده باللاهوت) صرنا مثل آكلى لحوم
البشر.] (8)
كان القديس كيرلس لابد و أن يبرز تلك الحقيقة، لأن نسطور
كان يدعي أننا نتناول الناسوت فقط دون اللاهوت، و كان يتهكم قائلاً أن السيد قال
خذوا كلوا هذا هو جسدي و لم يقل خذوا كلوا لاهوتي، و كان رد القديس كيرلس بأن
ترديد هذا القول يعتبر حماقة.
و قد سجل لنا القديس كيرلس ما تهكم به نسطور على سر
الشكر، و هذا نص ما قاله نسطور:
[و لماذا كما سمعتم وقد اختلط الأمر عليكم
ماذا قال الرب وهو يعلِّم تلاميذه معنى السر عندما قال الآتي، وأخذ خبزًا
وبعد أن شكر كسره وأعطاه لتلاميذه قائلاً: "خذوا كلوا هذا هو
جسدي"، لماذا لم يقل:"هذا هو لاهوتي الذي يُكسر عنكم"؟ وأيضًا
عندما أعطاهم كأس الأسرار،
لم يقل: "هذا هو لاهوتي الذي يُسفك عنكم"، بل "هذا هو دمي الذي
يُسفك عنكم لمغفرة الخطايا (لو ٢٢ :١٩ - مت٢٦: ٢٧،٢٨).] (8)
و كان رد القديس كيرلس:
[أليس واضحًا للكل أن ما قيل هو حماقة تامة،
وقرارٌ مُتعَمَّد أن يحارب التدبير؟ ... هل يوجد شخصٌ واحد تظن أنت (يا نسطور)
يفكر و يتجاسر على أن يقول إن كلمة الله قد تحول إلى طبيعة الجسد؟ و إذا أمكن
لأحدٍ الاعتراض على أنه عندما أعطى جسده لم يقل: "خذوا كلوا هذا هو لاهوتي
الذي يُكسر عنكم، و أن هذا ليس هو دمي، بل لاهوتي الذي يُسفك عنكم"، و
لكن لأن الكلمة و هو الله، جعلَ الجسد الذي ولِدَ من امرأةٍ جسده دون أن يتحول أو
يتغير بالمرة، فكيف لا يقول لنا دون أي خداع: "خذوا كلوا هذا هو جسدي؟"،
و لكن لأنه الحياة؛ لأنه حقًا الله، جعل جسده حياةً ومحييًا.] (8)
و قال أيضًا:
[كيف أن هذا ليس أكلَ لحمٍ بشري؟ وبأي أسلوبٍ نقول
إنه سِرٌّ فائق؟ أليس لأننا نعتقد بأن مجيء (الابن) هو ذاته تجسده؟ هنا يظهر لنا أن
الجسد الذي اتحد به لم يكن جسدُ إنسانٍ آخر، بل جسده. ولذلك كان فيه قوةٌ تعطي الحياة؛
لأنه بشكلٍ خاص، صار له خاصية مَن له القوة لأن يعطي الحياة للكل. لأن حتى النار كعادﺗﻬا
تنقل قوﺗﻬا الطبيعية الكامنة فيها إلى المواد التي تتصل بالنار، بل تحول الماء البارد
إلى ماءٍ ساخن رغم برودة الماء، و هو خاصٌ بطبيعة الماء. فما هو الغريب أو المستحيل
علينا أن نعتقد بأن كلمة الله الآب الذي هو الحياة بالطبيعة جعل جسده الذي اتحد به
قادرًا على أن يعطي الحياة ؟ لأن هذا هو جسده الخاص به و ليس جسد إنسانٍ آخر، ولا هو
جسدٌ مثل أجسادنا. و إذ فصلنا كلمة الله المحيي عن هذا الإتحاد السري و الحقيقي بالجسد
انفصالاً كاملاً، فكيف يمكن أن تبرهن على أنه واهب الحياة؟ و الذي قال: "مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِي وَيَشْرَبْ
دَمِي يَثْبُتْ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ" (يوحنا ٦: ٥٦)، فلو كان هذا بشرًا عاديًا
مثلنا، و ليس كلمة الله الذي صار كواحد منا (مثلنا)، أصبح الأكل هو أكل لحم بشري cannibalism و الشركة فيه بلا فائدة على وجه الإطلاق. و أنا أسمع المسيح قائلاً:
"الرُّوحُ هُوَ الَّذِي يُحْيِي. أَمَّا الْجَسَدُ فَلاَ يُفِيدُ شَيْئًا"
(يوحنا ٦: ٦٣)، و حسب طبيعة الجسد، هو خاضع للفساد، ولا يستطيع أن يعطي الحياة للآخرين؛
لأن مرض الفساد ضاربٌ بجذوره فيه. و لكن هذا الجسد هو الجسد الخاص بالكلمة نفسه] (8)
و يؤكد هذه الحقيقة القديس يوحنا الدمشقي:
[كذلك،
لمّا كانت عادة الناس أن يأكلوا الخبز و يشربوا الماء و الخمر، فقد أضاف إلى ذلك لاهوته
و جعل منهما جسده و دمه، لكي نبلغَ -بما هو من عوائدنا و على موجب طبيعتنا- إلى ما
هو فوق الطبيعة.] (9)
و يضيف القديس
يوحنا الدمشقي في شرحه لماذا تُسمى الإفخارستيا تناولاً:
[و تسمَّى الإفخارستيا تناولاً، لأننا نتناول بها لاهوتَ يسوع. و تُسمَّى شركة –و هي بالحقيقة كذلك- لأننا بها نُشرك ذواتنا بالمسيح فنتقبّل جسده و لاهوته. و بها يشترك و يتّحد بعضنا مع بعضٍ. و لمّا كنّا نتناول خبزًا واحدًا، فإننا نُصبح كلنا جسد المسيح الواحد و دمه الواحد و بعضنا أعضاء بعضٍ، لأننا جسم المسيح الواحد.] (9)
[و تسمَّى الإفخارستيا تناولاً، لأننا نتناول بها لاهوتَ يسوع. و تُسمَّى شركة –و هي بالحقيقة كذلك- لأننا بها نُشرك ذواتنا بالمسيح فنتقبّل جسده و لاهوته. و بها يشترك و يتّحد بعضنا مع بعضٍ. و لمّا كنّا نتناول خبزًا واحدًا، فإننا نُصبح كلنا جسد المسيح الواحد و دمه الواحد و بعضنا أعضاء بعضٍ، لأننا جسم المسيح الواحد.] (9)
يقول القديس أنبا مقار الكبير:
[ولم يخطر على بالهم أنه ستكون هناك معمودية بالنار
والروح القدس و أن في الكنيسة ستقدم تقدمة الخبز والخمر مثالاً لجسده ودمه و أن أولئك
الذين يتناولون الخبز المنظور سيأكلون جسد الرب روحيًا، لأن الرسل والمسيحيين سينالون
المعزي "ويتأيدون بالقوة من الأعالي" (لو ٢٤: ٤٩) ويمتلئون باللاهوت] (10)
حقًا، نحن نتناول الناسوت المتحد باللاهوت !
فهل اللاهوت خاضع للأكل و الشرب إذن ؟! و كيف
نتناوله ؟!
كما ذُكر قبلاً أن الأكل هنا لا يعنى الأكل المادي بمعنى
الإستهلاك (consume) بل بمعنى الإتحاد و الشركة (partake). و لنا هنا مثال بسيط و هو الماء المغلي بالنار .. فأنت تشرب
الماء الساخن فقط دون النار، لكن في الوقت ذاته تنتقل إليك مفاعيل النار، أي تشعر
بالدفئ. فلا أنت شربت النار ولا صرت من نفس طبيعة النار. كذلك في سر الإفخارستيا،
تنتقل إلينا مفاعيل اللاهوت، و لكن هذا لا يعني أننا أكلنا اللاهوت أو صرنا من نفس
طبيعته (11). الإفخارستيا تُدخِل إلى أعماق طبيعتنا "نار اللاهوت"
التي لا تنفصل عن جسد المسيح و دمه (12). فيقول القديس سمعان اللاهوتي:
[أتناول النار و أنا عشب، فيا له من عجب غريب
إذ أنّي أتندّى بحال لا توصف بمثابة العليقة الملتهبة قديمًا بغير احتراق.] (13)
فكيف لطبيعتنا أن تحتمل نار اللاهوت إذن ؟! يجاوبنا
القديس كيرلس الكبير قائلاً:
[يُشبِّه الكتاب المقدَّس الطبيعة الإلهية بالنار،
بسبب قدرة هذا العنصر الفائقة وتغلُّبه بسهولة على كل شيء. و أما الإنسان الترابي فيُشبِّهه
بالأشجار و بنبات الحقل. فيقول مرة: «إن إلهنا نارٌ آكلة» (عبرانيين ١٢: ٢٩)، ومرة
أخرى: «الإنسان مثل العشب أيامه،كزهر الحقل كذلك يُزهر» (مز 103: 15). فكما أن النار
تكون غير محتَمَلَة للشوك، هكذا أيضاً اللاهوت للناسوت. و لكن في المسيح جاء اللاهوت
و صار مُحتَمَلاً فإنه «فيه قد حلَّ كل ملء اللاهوت جسدياً» (كولوسي ٢: ٩)، كما شهد
الحكيم بولس، «والساكن في نور لا يُدنَى منه» (تيموثاوس الأولى ٦: ١٦)، أي الله، أتى
وحلَّ في هيكل جسده المأخوذ من العذراء... لذلك فالنار (التي رآها موسى) كانت تُشفق
على الشوك (العُلَّيقة)، ولهيبها صار مُحتَمَلاً للخشب الحقير الضعيف، لأن اللاهوت
صار - كما قلتُ - مُلازِماً للناسوت، و هذا هو السر الحاصل في المسيح. و لكن فينا نحن
أيضاً يسكن كلمة الله، غير مُطالبٍ بقصاص، ولا مُوقِّع علينا عقوبات؛ بل مُشرقاً علينا
بقبلاته الحنونة الفائقة الرحمة.] (14)
[لأن حتى النار كعادﺗﻬا تنقل قوﺗﻬا الطبيعية الكامنة
فيها إلى المواد التي تتصل بالنار، بل تحول الماء البارد إلى ماءٍ ساخن رغم برودة الماء،
و هو خاصٌ بطبيعة الماء. فما هو الغريب أو المستحيل علينا أن نعتقد بأن كلمة الله الآب
الذي هو الحياة بالطبيعة جعل جسده الذي اتحد به قادرًا على أن يعطي الحياة ؟](8)
و من الخطأ الكبير جدًا جدًا أن نظن بأن العُلَّيقة ترمز
للسيدة العذراء والدة الإله القديسة مريم وحدها فقط، فقد انتشرت في الآونة الأخيرة
تعاليم تؤكد بأن السيدة العذراء فقط هي التي حل فيها اللاهوت (النار)، و هذا بلا
شك قمة الإنحراف عن تراثنا الآبائي. فبالإضافة إلى ما قاله القديس سمعان اللاهوتي
و القديس كيرلس الكبير، نجد أيضًا القديس غريغوريوس النيسي يقول:
[إن ما تمَّ جسديًا في مريم الطاهرة حتى تجلَّى كل
ملء اللاهوت جسديًا في المسيح بواسطة بتوليتها، هذا أيضًا يتم في كل نفس تحفظ البتولية
الروحية بحسب اللوغوس. غير أن الرب لا يجعل حضوره بعد جسديًا، لأننا، كما يقول بولس
"وإذا كُنّا عَرَفنا المَسيحَ يومًا حسَبَ الجَسَدِ، فنَحنُ لا نَعرِفُهُ الآنَ
هذِهِ المَعرِفَةَ." (كورنثوس الثانية ٥: ١٦)، و لكنه يسكن فينا روحيًا، بل و
يُحضر أباه أيضًا معه كما يقول الإنجيل (يوحنا ١٤: ٢٣).] (15)
و يُوضِّخ القديس مقاريوس الكبير بأن هذه النار ذاتها
التي كانت في العُلَّيقة هي ذاتها التي عملت في الرسل مما يؤكد بأن النار لم تدرك
والدة الإله المُطوبة مريم وحدها، بل و يحثنا على اقتناء هذه النار داخلنا نحن
أيضًا فيقول:
[إنها شعلة الروح القدس التي تضرم القلوب. إنها النار
الإلهية غير المادية التي اعتادت أن تضيء النفوس، وتمحصها كالذهب عديم الغش في الأتون؛
و تحرق الشرور التي فيها، كما يحترق الشوك والقش، لأن "إِلهَنَا نَارٌ آكِلَةٌ"
( عب ٢٩:١٢ ). هذه هي النار العاملة في الرسل حتى تكلَّموا بألسنة نارية، وهي النار
التي أضاءت حول بولس لما أتاه الصوت، فأنارت عقله بينما أظلمت بصره المادي...
هذه هي النار التي ظهرت لموسى في العليقة، وهي النار
التي رفعت إيليا من الأرض بشبه مركبة نارية...
هذه هي النار التي ألهبت قلب كليوبا ورفيقه،َ لما كان
المخلِّص يتحدث معهما بعد قيامته. كما أن الملائكة والأرواح الخادمة يشتركون أيضًا
في لهيب هذه النار بحسب المكتوب: " الصَّانِعُ مَلاَئِكَتَهُ أَرْوَاحًا وَخُدَّامَهُ
لَهِيبَ نَارٍ" ( إلى العبرانيين ١: ٧). لذلك فهي نار كاسحة للشياطين ومستأصلة
للخطية. إنها قوة للقيامة وقدرة لعدم الموت، واستنارة لنفوس القديسين. فلنصلِّ إذن،
لكي تدركنا نحن أيضًا هذه النار!] (16)
و
لنعد مرة أخرى لشرح كيف نتناول اللاهوت.
في قسمة القداس الكيرلسي نقول:
[عند نزول مجدك على أسرارك، تُرفع عقولنا لمشاهدة
جلالك. عند إستحالة الخبز و الخمر إلى جسدك و دمك، تتحوَّل نفوسنا إلى مشاركة مجدك
و تتحد نفوسنا بألوهيتك.]
فواضح انه من خلال سر الإفخارستيا تتحد نفوسنا بلاهوته
(ألوهيته) ..و هذا هو المعنى الحقيقي المقصود بالأكل و الشرب السرائري الذي يعبر
عن الشركة بالـنعمة و ليس عن الأكل الجسدي .
و نحن نردد في لبش ثيؤطوكية السبت حين نُعَظْم
والدة الإله القديسة العذراء مريم، و نقول:
[السلام للإناء غير الفاسد .. الذى للاهوت ..
المعطى الشفاء .. لكل من يشرب منه]
و يعلق الأب باسيليوس المقاري على هذا الجزء قائلاً:
"عجيب!
نحن نشرب اللاهوت، طبعًا سرائريًا، حسب النعمة و ليس حسب مقياس جسدي" (17)
ولا
عجب في أن نقول أننا نشرب اللاهوت أو نشرب الروح، مع التأكيد على أن الفعل ليس جسديًا
بل سرائريًا و روحيًا، فيقول القديس أثناسيوس الرسولي:
[و أيضًا حيث إن الآب ينبوع، و الابن يسمى نهرًا ، لذلك نقول أننا نشرب
الروح لأنه مكتوب "وَجَمِيعُنَا سُقِينَا رُوحًا وَاحِدًا." (١كو ١٢:
١٣) و لكن حينما نشرب الروح، فإننا نشرب المسيح. "لأنَّهُمْ كَانُوا يَشْرَبُونَ
مِنْ صَخْرَةٍ رُوحِيَّةٍ تَابِعَتِهِمْ، وَالصَّخْرَةُ كَانَتِ الْمَسِيحَ"
(١كو ١٠: ٤).] (18)
و القديس كيرلس أيضًا:
[الروح القدس يجعلنا نثبت في الكرمة أي المسيح – فهو
كالأم المغذية لأغصانها – لأننا نولد منه و فيه بالروح ليثمر ثمار الحياة. فالمسيح
يقابل الكرمة (في المثل) و نحن نعتمد عليها كالأغصان، أو نغتني بالنعمة و نشرب القوة
الروحية بواسطة الروح لكي نثمر بثمر.] (19)
و القديس
مقاريوس الكبير:
[لأنه حتى الإنسان المتأصل في الشر والمتعمق في الخطية، والذي يجعل نفسه أداة
للشيطان ليتسلط عليه تماماً، فحتى هذا الإنسان ليس مربوطاً باي اضطرار، بل أن له الحرية
أن يصير "أناء مختاراً" (أع 9 : 15)، اناء للحياة. وبنفس الطريقة ، فمن الناحية
الأخرى اولئك الذين يتشربون باللاهوت، ولو كانوا مملوئين بالروح القدس وهم تحت سيادته،
فانهم ليسوا مربوطين بأي اضطرار، بل لهم حرية الاختيار أن يتحولوا ويفعلوا ما يشاءون
في العالم الحاضر.] (20)
بل و قد
أعلنها الرب يسوع بذاته:
"وَقَفَ يَسُوعُ وَنَادَى قِائِلاً: «إِنْ عَطِشَ أَحَدٌ
فَلْيُقْبِلْ إِلَيَّ وَيَشْرَبْ. مَنْ آمَنَ بِي، كَمَا قَالَ الْكِتَابُ، تَجْرِي
مِنْ بَطْنِهِ أَنْهَارُ مَاءٍ حَيٍّ». قَالَ هذَا عَنِ الرُّوحِ الَّذِي كَانَ الْمُؤْمِنُونَ
بِهِ مُزْمِعِينَ أَنْ يَقْبَلُوهُ" (يوحنا ٧: ٣٧-٣٩) ... "أَنَا أُعْطِي
الْعَطْشَانَ مِنْ يَنْبُوعِ مَاءِ الْحَيَاةِ مَجَّانًا" (رؤيا يوحنا اللاهوتي
٢١: ٦).
فالرب يسوع
هو بالحقيقة "الْمَاءُ الْحَيُّ" (يوحنا ٤: ١١) الذي
أكد (كما شرحنا سابقًا) أنه لا يقصد المعاني الأرضية و الجسدية حينما يتكلم عن
ذاته كغذاء و شراب للعالم، مثلما فعل مع السامرية التي استنتجت من حديثه أنه يقصد ماءً
أرضي، فصحح فكرها و شرح لها بحنانه الفائق و اسلوبه الرقيق قائلاً: "كُلُّ مَنْ يَشْرَبُ مِنْ هذَا الْمَاءِ يَعْطَشُ
أَيْضًا. وَ لكِنْ مَنْ يَشْرَبُ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي أُعْطِيهِ أَنَا فَلَنْ يَعْطَشَ
إِلَى الأَبَدِ، بَلِ الْمَاءُ الَّذِي أُعْطِيهِ يَصِيرُ فِيهِ يَنْبُوعَ مَاءٍ يَنْبَعُ
إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ»" (يوحنا ٤: ١٣-١٤).
و قولنا
"نشرب الروح أو نشرب اللاهوت" ليس مجرد تشبيه رمزيّ كمن يقول "نشرب
العلم"، و لكنه فعل حقيقي سرائري غير مادي ولا حسب الجسد.. نحن نشرب الروح
فعلًا وليس كمجرد تشبيه! نشربه و نمتلئ بنعمة و قوة الله الغير منفصلة عن جوهره،
كما سنشرح لاحقًا.
فلنؤكد مرة أخرى، هذا الجسد الذي نأكله و هذا الدم
الذي نشربه ليسا غذاءً أرضيًا بل سمائيًا.
و لنبحث بأكثر عمق في بعض أقوال آبائنا العظام عن
سر الإفخارستيا و ما نناله من عطايا عظيمة في هذا السر المقدس..
في شرح إنجيل معلمنا القديس يوحنا البشير، يقول القديس
كيرلس الكبير:
[هو الذي رد إلينا رتبة آدم و عدم الفساد لأن جسده يختلط بأجسادنا، و هو
لذلك الخبز السمائي، أي المسيح الذي يغذينا بالحياة الأبدية و يمدنا بالروح القدس،
و بالشركة في جسده، يجعلنا نشترك في الله مبيدًا الموت الذي جاء من اللعنة
القديمة.] (21)
كما قال:
[عندما نتذوق الجسد، تكون الحياة فينا؛ لأننا نحن
أيضًا متحدين بجسد المخلِّص، بنفس اتحاد الكلمة بالجسد الساكن فيه] (22)
و قال أيضًا :
[جسد الكلمة الذي هو الحياة و المحيي؛ لأنه جعل
جسده الخاص باتحادٍ فائق الإدراك و يعلو على قدرات التعبير. وهكذا إذا جئنا للشركة
في جسده المقدس و دمه، فإننا ننال الحياة الكاملة المطلقة؛ لأن الكلمة يحلُّ فينا
بأسلوبٍ إلهيٍّ بواسطة الروح القدس، و بأسلوب إنسانيٍّ بواسطة جسده المقدس و دمه
الكريم.] (8)
و
يضيف عمود الدين في موضع آخر:
[نحن نعيش في زمان المائدة المقدسة، مائدة المسيح
السرِّية التي من عليها نأخذ الخبز الواهب الحياة السمائي؛ لأن الموت الذي قد يكون
عند البعض مرعبًا و مخيفًا، قد أُبيد.] (23)
نشترك
في جسده المقدس و دمه الكريم في الإفخارسيتا .. نتغذى الحياة و نُمد بالروح القدس
من خلال الشركة في جسد و دم المخلص .. ننال الحياة الأبدية و يباد الموت عن طريق
حلوله إلهيًا فينا بواسطة الروح القدس.
يقول
القمص متى المسكين:
"لم يكن المسيح مغاليًا حينما قال:"أنا
هو خبز الحياة". إذ في العشاء الفصحي الأخير، لما أخذ الخبز على يديه و نظر إلى
فوق، بثَّه روح الحياة الأبدية التي فيه. فحمَّل الخبز ذات الحياة الأبدية التي في
جسده، فصار الخبز الطبيعي معادلاً لجسده الإلهي الحي، أي خبزًا للحياة. و تمادى المسيح
في إجراء السر على السر، إذ كسر الخبز من واقع ما سيتم على الصليب. و هكذا بثَّ الخبز
الحي موته المحيي، أي حمَّله قوة الغفران و الفداء في آن واحد، و هكذا اصبح كل مَنْ
يأكل من هذا الخبز يعبر بالجسد الموت الى الحياة، أي صارت في هذا الخبز الحي قوة القيامة
من الأموات. و لذلك أعلنها المسيح في النهاية: "وَشَكَرَ فَكَسَّرَ، وَقَالَ:
«خُذُوا كُلُوا هذَا هُوَ جَسَدِي الْمَكْسُورُ لأَجْلِكُمُ. اصْنَعُوا هذَا لِذِكْرِي»."
(كورنثوس الأولى ١١: ٢٤(." (24)
إذن، فكيف يمكن للإنسان الذي صار تحت سلطان الموت
أن يستعيد الخلود؟!
يجاوبنا القديس كيرلس عن هذا السؤال في تفسيره لإنجيل
معلمنا القديس مار لوقا البشير قائلاً:
[لقد خلق الله كل شيء للخلود ... و لكن الموت دخل
إلى العالم بحسد إبليس. فقد دفع المجرِّب الإنسان الأول للخطية و العصيان و أوقعه
تحت لعنة الله. فكيف يمكن للإنسان الذي صار تحت سلطان الموت أن يستعيد الخلود؟ كان
لابد من أن يدخل جسده الميت في شركة القوة المحيية لله.
أمَّا قوة الله المحيية فهي الكلمة (اللوغوس) ...
لذلك فقد صار اللوغوس إنسانًا ... و اتحد بجسدٍ قابل للموت وأعطاه مناعة ضد الفساد
و جعله جسدًا محييًا. لكن كان ينبغي أن يحل فينا إلهيًا بواسطة الروح القدس، وأن
يمتزج بطريقة ما بأجسادنا بواسطة جسده المقدَّس و دمه الكريم. و هذا هو ما نناله
في “الأولوجية المحيية” ( الإفخارستيا) كما بخبز وخمر.] (25)
و يعبر القديس كيرلس في إحدى عظاته عن العشاء السري
بكلمات رائعة على لسان الرب يسوع قائلاً:
[كلوني أنا الحياة لتحيوا، لأني أريد ذلك. كلوا
الحياة التي لا تزول، لأني لأجل هذا أتيت، لتكون لكم حياة، و تكون لكم
أوفر (يوحنا ١٠:١٠)! كلوا الخبز الذي يُجدِّد طبيعتكم، و اشربوا الخمر التي
تعطي تهليل الخلود! لأني من أجلكم صرت مثلكم دون أن أتغير عن طبيعتي، حتى تصيروا
شركاء الطبيعة الإلهية بواسطتي (٢ بط ١:٤).] (26)
و في مقاله الثاني ضد الآريوسيين، يقول القديس أثناسيوس
الرسولي:
[فإنه لم يكن ممكنًا بوسيلة أخرى أن يصيروا أبناء
الله، بينما هم بحسب الطبيعة مجرد خلائق، إلا إذا قبلوا روح الإبن الحقيقي الذي هو
ابن بحسب الطبيعة. و بالتالي لكي يتحقق ذلك، قد صار الكلمة جسدًا لكي
يجعل الإنسان قادرًا أن يستقبل اللاهوت (الألوهية) .. حتى يظهر من ذلك أننا
لسنا نحن أبناء الله بالطبيعة بل هذا يخص ابن الله الذي فينا.] (27)
و يقول أيضًا:
[لأن تلك الأشياء التي كان يتألم منها، جسد الكلمة،
البشري، كان الكلمة الذي سكن في الجسد ينسبها لنفسه، لكي نسنطيع نحن أن نشترك في لاهوت
الكلمة.] (28)
و يقول أبو علم اللاهوت المسيحي القديس إيرينيؤس:
[و هكذا وَحّدَ (اللوغوس المتجسد) الإنسان مع الله و صنع شركة بين الله و الإنسان.
فلو لم يكن قد أتى إلينا لكان من غير الممكن أن نشترك في عدم الفساد، لأنه لو كان
عدم الفساد ظل غير منظور و مخفى عن أعيننا، لما كنا قد انتفعنا بأى شئ. لذلك فإن
اللوغوس بواسطة تجسده جعل عدم الفساد منظورًا حتى يمكننا بكل الطرق أن نشترك فيه.] (29)
و
يقول أيضًا:
[و الآن كيف يقولون أن الجسد يمضي إلى الفساد ولا
يتشارك في الحياة، و هو الذي تغذى بجسد الرب و دمه... الإفخارستيا تؤكد رأينا، و نحن
نُقدم لهُ مما لهُ مُعلنين شركتنا و وحدتنا، معترفين بقيامة الجسد و الروح، لأنه
كما أن الخبز الذي من الأرض، بعد أن ينال استدعاء الله، لا يعود بعد خبزًا عاديًا،
بل يصير إفخارستيا مكونة من عُنصرين، أرضي وسماوي، كذلك أيضًا أجسادنا، باشتراكها
في الإفخارستيا لا تعود قابلة للفساد بعد أن نالت رجاء القيامة الأبدية ]
و يقول القديس العظيم أنطونيوس أب الرهبان:
[أخذ جسد انساني لخلاص وخير الانسان وبالمشاركة في
الميلاد الانساني يقدر ان يجعل الانسان يشارك في الطبيعة الالهية والروحية (٢ بطرس
١: ٤).] (30)
و تلميذه القديس مقاريوس الكبير (اللابس الروح):
[و أريد أن أتكلم بعمق ودقة في هذا الموضوع بأقصى قدراتي،
فاسمعوا لي إذن بانتباه وذكاء: أن الله غير المحدود، الذي لا يدنى منه، الغير مخلوق،
بصلاحه وحنانه الذي يفوق العقل، قد جسد نفسه، - وان جاز القول - صغر نفسه (أخلى نفسه)
من مجده الذي لا يدنى منه، ليتمكن من الاتحاد بخلائقه المنظورة، مثل نفوس القديسين،
والملائكة، وذلك حتى يستطيعوا هم أن يشتركوا في حياة اللاهوت] (31)
و القديس باسيليوس الكبير:
[كيف كان يمكن أن تُحال إلينا غاية التجسد، إذ لم
يكن جسدنا، المُلتحم (المُتحد) باللاهوت، قد جُعل فوق سلطان الموت؟] (32)
و يقول القديس غريغوريوس النيسي:
[و هكذا اتصلت البشرية بالله بواسطة ناسوت المسيح (الذى اتحد بلاهوته).
فبجسدنا الذى حمله فى ذاته سرت القوة الإلهية فى كل الطبيعة البشرية.] (33)
و يقول القديس يوحنا الدمشقي:
[و لمّا كان قد أعطانا صورته الخاصة و روحه الخاصّ
و لم نحافظ عليهما، فقد شاركنا هو نفسه في طبيعتنا الحقيرة و الضعيفة، لكي ينقّينا
و ينزع عنّا الفساد و يجعلنا من جديد شركاءَه في لاهوته.] (9)
فكما أكد هؤلاء القديسيون أن الله تجسد ليجعل الإنسان
قادرًا أن يستقبل اللاهوت (حلوله فينا إلهيًا) و يصير شريكًا في الطبيعة الإلهية و
بالتالي ينال عدم الفساد !! لقد شاركنا في بشريتنا لنشاركه طبيعته الإلهية .. أي نشاركه
حياته الإلهية و قداسته و بره و سلطانه و مجده (34). "أَمَّا أَنَا فَقَدْ أَتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ
حَيَاةٌ وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ" (يوحنا ١٠: ١٠).
فمن خلال اشتراكنا في جسد الكلمة المعطي الحياة، أعطيت
لنا الحياة الأبدية (أي الخلود و عدم الفساد)، تلك التي كانت – قبل تجسده – خصيصة
إلهية، "الَّذِي وَحْدَهُ لَهُ –بِطَبِيعَتُهُ- عَدَمُ
الْمَوْتِ، سَاكِنًا فِي نُورٍ لاَ يُدْنَى مِنْهُ" (رسالة بولس الرسول
الأولى إلى تيموثاوس ٦: ١٦).
[إنه يفتقر بأخذ جسدي، لكي أغتني أنا بلاهوته] (35)
القديس غريغوريوس النزينزي
[فاذا افترضنا أن ملكًا وجد فتاة فقيرة تلبس خرقًا
بالية، و لم يستنكف منها بل أخذها و جردها من ثيابها الرثة وغسلها من سوادها و زينها
بملابس أنيقة مبهجة وجعلها شريكته وجليسته على مائدته، هكذا الرب أيضًا فقد وجد النفس
مجروحة و مضروبة، فأعطاها الدواء و خلع عنها الثياب السوداء أزال عنها عار الخطية وألبسها
الملابس الملوكية السماوية أي ملابس اللاهوت اللامعة المجيدة. و وضع تاجًا على رأسها
وجعلها شريكة في مائدته الملوكية للفرح و البهجة] (36)
القديس مقاريوس الكبير
يا للعجب و يا لحب الفادي الذي فاق الإستيعاب و
تخطى كل الحدود !!
من أجلي صار مثلي، حتى أصير أنا مثله !!
أخذ الذي لي و أعطاني الذي له !!
أخذ جسم بشريتي و
في المقابل أعطاني لاهوته !!
لقد جعلني أنا التراب ابنًا و شريكًا في طبيعته
الإلهية الفائقة الوصف !!
نعم، نحن نتحد بالله الواهب الحياة عن طريق
الإفخارستيا أو كما كان يطلق آباء الكنيسة على هذا الإتحاد "تألهًا"، و لا
يقصد بالتأله شركاً في الجوهر الإلهي أبدًا، إنما هو إتحاد للمؤمن مع الله عن طريق
النعمة الإلهية، و هذا الإتحاد لا يساوي ذاك الخاص بالتجسد الإلهي (أي ليس كما في
طبيعة المسيح البشرية) (37). فإن حلول
اللاهوت في الإنسان هو حلول نسبي، و ليس كجسد الكلمة المتجسد، فيقول القديس كيرلس:
[لاحظوا أرجوكم، كيف أن الإنجيلي (يوحنا) اللاهوتي يتوِّج بحكمة كل طبيعة البشر
بقوله أن الكلمة "حل فينا". فهو يقصد بذلك – على ما يبدو لي – أن يقول أن
تجسد الكلمة لم يحدث لأية غاية أخرى إلَّا لكي نغتني نحن أيضًا بشركة اللوغوس بواسطة
الروح القدس فنستمد منه غنى التبني. فنحن،
إذن، نؤمن أن الإتحاد الذي تم في المسيح هو الإتحاد الأكمل و الأحق. و أما فينا نحن
فمع أنه قيل "حل فينا" إلَّا أن حلوله فينا نسبي (أي بالمشاركة و النعمة)
لأن فيه (وحده) " فَإِنَّهُ فِيهِ يَحِلُّ كُلُّ مِلْءِ اللاَّهُوتِ جَسَدِيًّا"
(كولوسي ٢: ٩)، أي أن الحلول الكائن فيه هو ليس مجرد حلول نسبي أو بالمشاركة (مثلنا)
... بل هو اتحاد حقيقي بين طبيعته الإلهية اللامحدودة و هيكل جسده المولود من العذراء] (38)
و يؤكد القديس أثناسيوس الرسولي على اقتناء
هذا الإتحاد (التأله) عن طريق العرش الإفخارستي و اتحادنا به بواسطة جسده،
فيقول :
[نحن نتأله باشتراكنا ليس في مجرد جسد إنسان، بل
بتناولنا من جسد الكلمة نفسه.] (39)
[لأنه كما أن الرب بلبسه الجسد قد صار إنسانًا، هكذا
نحن البشر فإننا نتأله بالكلمة باتحادنا به بواسطة جسده، و لهذا فنحن نرث الحياة الأبدية.] (40)
و نجد أيضًا المعنى ذاته عند للقديس غريغوريوس النيسي:
[الإنسانية يمكنها أن تتأله. فمن أجل هذا، و من خلال
تدبير نعمته، "بذر ذاته في كل مؤمن"، من خلال هذا الجسد (بتجسده)، الذي من
مادة الخبز و الخمر (الافخارستيا)، حيث "يمزج ذاته" مع أجساد المؤمنين، ليثبتهم،
بهذا الاتحاد مع غير المائت (الألوهة).]
(41)
و ها القديس كيرلس الأورشليمي يؤكد أيضًا بأن الشركة في
جسد و دم الفادي المخلص تعطينا أن نصير شركاء الطبيعة الإلهية:
[فلنشترك إذًا، بكل ثقة، في جسد المسيح و دمه، إن جسده يعطى لك تحت شكل
خبز، و دمه يعطى لك تحت شكل خمر، و عندما تشتركون في الجسد و دم المسيح، تصيرون من
نفس الجسد ومن نفس الدم فيه، وبذلك نصبح حاملين المسيح فينا؛ لأن جسده ودمه قد انتشرا
في كل أعضاء أجسادنا، وعن هذا يقول بطرس المبارك "تصبحون شركاء الطبيعة الإلهية"
(٢ بطرس ١: ٤).] (42)
فمن خلال الشركة في الطبيعة الإلهية (رسالة
معلمنا بطرس الثانية ١: ٤) التي منحها الله للمؤمين صرنا آلهة بالنعمة، دون أن
يتحول جوهرنا إلى جوهر الله و نفقد طبيعتنا الإنسانية. فبالرغم من تألهنا إلا
أننا نبقى خليقة ، كما أن المسيح بقى إلهًا لما صار إنسانًا بالتجسد (43).
و قبل الخوض في هذا الموضوع الذي قُتل بحثًا
و دراسة، و لازال البعض يحاربونه بشدة، غير قابلين نعمة الله للإنسان، يجب الإلتفات
لشئ هام و هو أن هناك اكتشافًا حديثًا في النص الأصلي الذي يخلو من أداة التعريف
"الــ" في الآية، فبذلك تترجم لتُصبح "شركاء طبيعة إلهية" أي طبيعة الابن الوحيد و ليس الطبيعة
أى طبيعة الآب الجوهرية (44).
و حتى و إن قلنا "الطبيعة" فبذلك نقصد و نحدد طبيعة الإبن الوحيد، لا جوهر
الآب.
"فَإِنَّ اللهَ أَمِينٌ، وَقَدْ دَعَاكُمْ إِلَى الشَّرِكَةِ مَعَ ابْنِهِ
يَسُوعَ رَبِّنَا" (رِسَالَةُ بُولُسَ ٱلرَّسُولِ ٱلأُولَى إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ
١: ١٩)
شركتنا
في طبيعة الابن تعني أننا سنأخذ شركة في صفاته كإبن و إله و كلمة.. فهي شركة في
"طبع" الكلمة (45).
"لأَنَّ الَّذِينَ سَبَقَ فَعَرَفَهُمْ، سَبَقَ
فَعَيَّنَهُمْ أَيْضاً لِيَكُونُوا مُشَابِهِينَ صُورَةَ ابْنِهِ لِيَكُونَ هُوَ الْبِكْرَ
بَيْنَ إِخْوَةٍ كَثِيرِينَ." (رِسَالَةُ بُولُسَ ٱلرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ
٨: ٢٩)
لقد نُلنا
التبني و شاركناه في بنوته و أصبحنا وارثين معه:
"مَنْ يَغْلِبْ يَرِثْ كُلَّ شَيْءٍ، وَأَكُونُ
لَهُ إِلهًا وَهُوَ يَكُونُ لِيَ ابْنًا" (رؤيا يوحنا اللاهوتي ٢١: ٧) ...
"فَإِنْ كُنَّا أَوْلاَدًا فَإِنَّنَا وَرَثَةٌ أَيْضًا، وَرَثَةُ اللهِ وَوَارِثُونَ
مَعَ الْمَسِيحِ. إِنْ كُنَّا نَتَأَلَّمُ مَعَهُ لِكَيْ نَتَمَجَّدَ أَيْضًا مَعَهُ."
(رِسَالَةُ بُولُسَ ٱلرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ رُومِيَةَ ٨: ١٧) .. "لأَنَّنَا قَدْ صِرْنَا شُرَكَاءَ الْمَسِيحِ"
(رِسَالَةُ بُولُسَ ٱلرَّسُولِ إِلَى عِبرَانِين ٣: ١٤)
و
لنلاحظ الكلمة استخدام كلمة "شركة" لا كلمة "تبادل". فالشركة
في طبيعة الإبن الوحيد لا تلغي طبيعتنا البشرية مُطلقًا، و إلا فلم تَعُد شركة بعد.
فإن حلول اللاهوت و الشركة في الطبيعة الإلهية،
إنما يمجِّد الطبيعة الإنسانية دون أن يقضي عليها .. و هكذا نشترك لكي نتمجد لا
لكي نفقد حياتنا الإنسانية (46).
"وَأَنَا قَدْ أَعْطَيْتُهُمُ الْمَجْدَ الَّذِي
أَعْطَيْتَنِي، لِيَكُونُوا وَاحِدًا كَمَا أَنَّنَا نَحْنُ وَاحِدٌ.أَنَا فِيهِمْ
وَأَنْتَ فِيَّ لِيَكُونُوا مُكَمَّلِينَ إِلَى وَاحِدٍ، وَلِيَعْلَمَ الْعَالَمُ أَنَّكَ
أَرْسَلْتَنِي، وَأَحْبَبْتَهُمْ كَمَا أَحْبَبْتَنِي.أَيُّهَا الآبُ أُرِيدُ أَنَّ
هؤُلاَءِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي يَكُونُونَ مَعِي حَيْثُ أَكُونُ أَنَا، لِيَنْظُرُوا
مَجْدِي الَّذِي أَعْطَيْتَنِي، لأَنَّكَ أَحْبَبْتَنِي قَبْلَ إِنْشَاءِ الْعَالَمِ.
(يوحنا ١٧: ٢٢)
و لنؤكد بأنه لا يجب فهم الشركة في الطبيعة الإلهية أو التأليه
بشكل فلسفي حيث يشترك الإنسان في طبيعة أو جوهر الله. فهذا موضوع لا مكان له في اللاهوت
المسيحي مطلقًا. فإن الشركة في الطبيعة الإلهية ليست شركة في جوهر
الله و إنما شركة في حياة الأقانيم و في كيان الله المتأقنم . و هكذا تصبح غاية الخلاص
هي أن تتأقنم حياة الإنسان و تتحقق متأقنمة في الله و يصبح الخلاص هنا هو تحقيق نمو
شخصية الإنسان (47).
"وَهَذِهِ الشَّهَادَةُ هِيَ أَنَّ اللهَ
أَعْطَانَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَأَنَّ هَذِهِ الْحَيَاةَ هِيَ فِي ابْنِهِ. فَمَنْ
كَانَ لَهُ ابْنُ اللهِ كَانَتْ لَهُ الْحَيَاةُ. وَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ابْنُ اللهِ،
لَمْ تَكُنْ لَهُ الْحَيَاةُ!
يَامَنْ آمَنْتُمْ بِاسْمِ ابْنِ اللهِ، إِنِّي كَتَبْتُ
هَذَا إِلَيْكُمْ لِكَيْ تَعْرِفُوا أَنَّ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ مِلْكٌ لَكُمْ
مُنْذُ الآنَ." (رِسَالَةُ يُوحَنَّا ٱلرَّسُولِ ٱلْأُولَى ٥: ١١-١٣)
[إن لم يسكب الرب علي إنسان ، من فوق ، حياة اللاهوت ، فإن هذا الإنسان
لن يختبر الحياة الحقيقيه أبدًا (الحياة الإلهية) .] (48)
القديس
مقاريوس الكبير
إقرأ أيضًا "تناول المرأة من الأسرار المقدسة أثناء فترة الطمث .. (تحليل شخصي)" الذي يناقش قصة نازفة الدم و هل هي مسند و مرجع لمن يعارضون تناول المرأة أثناء فترة الطمث.
كما يحتوي المقال أيضًا على روابط لمقالات رائعة عن فكر الديسقولية و فكر القديس أثناسيوس و آباء الكنيسة تجاه الإفرازات الجسدية و هل تعيق الإنسان عن التناول من الأسرار المقدسة، أشجعكم على قرائتها.
--------------------------------------------------------------
المراجع:
(1) القديس
يوحنا ذهبي الفم، العظة الثالثة على رسالة مُعلمنا بولس الرسول إلى أهل أفسس،
الإصحاح الأول، الآيات ١٥-٢٠.
(2) القديس كيرلس الأورشليمي، عظة ٢٣: ١٥.
(3) عن كتاب "الله والإنسان والكون المادي في الإيمان الأرثوذكسي"
لدكتور هاني مينا ميخائيل
The Faith of the Early Fathers, Vol 2 page 97,
Homilies on Penance,publisher: The Liturgical Press, Minnesota, translated by W
A urgens.
(4) دكتور چورچ حبيب بباوي، كتاب البابا كيرلس السادس المعلم الكنسي
صفحة ٣١.
(5) القديس غريغوريوس النيسي، العظة التعليمية الكبرى ٣٧.
(6) دكتور هاني مينا ميخائيل،
كتاب "الله والإنسان والكون المادي في الإيمان الأرثوذكسي" ، صفحة
١٨٤.
(7) القديس أثناسيوس الرسولي، الرسالة الرابعة إلى سرابيون، فقرة ١٩.
(8) القديس كيرلس الكبير، المقالة الرابعة ضد نسطور.
(9) القديس يوحنا الدمشقي، العرض الدقيق للإيمان الأرثوذكسي.
Exposition of the Orthodox Fait - Book
IV-Chapter XIII.—Concerning the holy and immaculate Mysteries of the Lord.
(10) القديس مقاريوس الكبير، العظة ٢٧، فقرة ١٧.
(11) مقالة "الإفخارستيا و تأليه الإنسان" لراهب
من الإسقيط المقدس.
(12) كتاب بحث في اللاهوت الصوفي لكيسة الشرق - فلاديمير لوسكي، صفحة
١٥١.
(13) القديس سمعان اللاهوتي، Vie Spirituelle , XXVII. 3, juin 1931, pp. 304
(14) القديس كيرلس الكبير، جلافيرا (أقوال لامعة) على سفر الخروج.
(15) القديس غريغوريوس النيصي، في البتولية ٢: ٢.
(16) القديس مقاريوس الكبير، عظة ٢٥: ٩، ١٠.
(17) الراهب باسيليوس المقاري، دراسة الأصول الأرثوذكسية
الآبائية لكتابات الأب متى المسكين ج٢، صفحة ٣٤.
(18) القديس أثناسيوس الرسولي، الرسالة الأولى إلى سرابيون، فقرة
١٩.
(19) القديس كيرلس الكبير، شرح إنجيل يوحنا على يوحنا ١٥: ٥.
(20) القديس مقاريوس الكبير، العظة ١٥، فقرة ٤٠.
(21) القديس كيرلس
الكبير (شرح إنجيل يوحنا 6:35).
(22) القديس كيرلس الكبير، شرح يوحنا ٦: ٥٢-٥٣.
(23) القديس كيرلس اللكبير، السجود والعبادة بالروح والحق ك ٣ :٩٧.
(24) القمص متى المسكين، انا هو خبز الحياة ص ٨.
(25) القديس كيرلس ، تفسير إنجيل لوقا ((19:22) PG LXXII, 908C - 912A).
(26) القديس كيرلس الكبير، عظة ١٠ عن العشاء السري.
(27) القديس أثناسيوس الرسولي، المقالة الثانية ضد الآريوسيين ، الفقرة
٥٩.
(28) القديس اثناسيوس، الرسالة ٥٩- إلى ابيكتيتوس، فقرة
٦.
(29) القديس إيرينيئوس أسقف ليون، شرح الكرازة الرسولية، إصدار المركز
الأرثوذكسي للدراسات الأبائية، صفحة ٣١.
(30) القديس أنطونيوس، كتاب سيرة القديس أنطونيوس للقديس أثناسيوس الرسولي.
Life of Antony - How he reasoned with divers
Greeks and philosophers at the 'outer' mountain – Paragraph 74.
(31) القديس أبو مقار الكبير، العظة الرابعة، فقرة ٩.
(32) القدي باسيليوس الكبير، الرسالة رقم ٢٦٢ – فقرة ٢.
(33) غريغوريوس النيسي، (ضد افنوميوس2 PG45, 533A).
(34) نيافة الأنبا روفائيل، باركت طبيعتي فيك صفحة ٢٧.
(35) القديس مقاريوس الكبير، عظة ٢٧، فقرة ٣.
(36) القديس غريغوريوس النزينزي، عظة ٣٨ عن الظهور الإلهي.
(37) القمص تادرس يعقوب ملطي،
كتاب الإصطلاحان "طبيعة" و "أقنوم" في الكنيسة الأولى صفحة
١٤.
(38) القديس كيرلس الكبير، تأنس الإبن الوحيد. PG 75, 1400.
(39) القديس أثناسيوس، الرسالة
رقم ٦١- إلي مكسيموس، فقرة ٢.
(40) القديس أثناسيوس الرسولي، المقالة الثالثة ضد الآريوسيين، فقرة
٣٤.
(41) القديس غريغوريوس النيصي، The Great Catechism, Chapter XXXVII.
(42) القديس كيرلس الأورشليمي، العظة ٢٢، التعليم عن الإفخارستيا
٤: ٣.
(43) فلاديمير لوسكي، بحث في اللاهوت الصوفي لكنيسة الشرق صفحة ٧٣.
(44) البروتوبرسفيتيروس
أثناسيوس حنين، مقال "شركاء الطبيعة الإلهية".
(45) رهبان دير أبو مقار،
التبني في المسيح يسوع - في فكر آباء الكنيسه، صفحة ١٥.
(46) دكتور چورچ حبيب بباوي، أثناسيوس الرسولي في مواجهة التراث الديني غير
الأرثوذكسي ص٢٤٥.
(47) المطران يوحنا زيزيولاس، الوجود
شركة صفحة ٨٣ و ٨٤.
(48) القديس مقاريوس الكبير، عظة ٢٤، فقرة ٥.