.. و من فوق المرتفع رأيت
العالم تحت أقدامي يهتز، و يهز كياني معه
.. و أصابني الذعر إذ سمعت صوت الصراخ و الهياج الشديد الصادر من أعماقه ..
أمعنت النظر بتدقيق لأعرف ماذا يحدث و ما هو سبب هذا الصراخ و الهياج
.. و سريعاً ما اكتشفت أن صوت الهياج ينبعث من الشمال و الغرب، و أما صوت الصراخ فيتركز
فى منطقة الشرق و الجنوب.
نظرت فى إتجاه الشمال و تأملت ساكنيه. أناساً يتاجرون
بأحلام القلوب البسيطة الساكنة فى الجنوب، و يسرقون لا أموالهم و بيوتهم فقط، بل يسرقون
حياتهم و يدمرون مشاعرهم. و قد كانوا من المشاركين فى صوت الهياج بضحكاتهم الشريرة
المتعالية المتكبرة.
و التفت ناحية ساكني الغرب .. هم أناساً يبررون أعمال لصوص الشمال تجاه أهال الجنوب. هم أبعد ما يكونوا عن ساكني الجنوب الأبرياء، و لم يختبروا
الذل بعد ولا أبدا تعرضوا لظلم. و كانت نسبة كثافتهم في منطقة الشمال غرب، فمعظمهم
يطمح و يأمل في الوصول إلى الشمال و التقرب من مواطنيه و التمتع بمميزاته و صلاحياته.
و قد شاركوا في صوت الهياج بكلماتهم الشيطانية القذرة، الخالية من الرحمة و الحب.
ثم استدرت و تأملت ساكني الجنوب، فكما سردت سابقاً،
كانوا يتعرضون للذل و الظلم أكثر مما يتعرضون لأشعة الشمس الدافئة. كانوا أناساً فى منتهى البساطة و الحب، لذلك كانت
سيادة أهل الشمال عليهم أسهل مما يمكن. و قد كان صراخهم ناتج عن القهر و الأسى المتسلط
على مشاعرهم النقية، عاجزين و مكتوفي الأيدي لا يستطيعون المقاومة، و لا حتى التظلم.
و أما عن الشرق، فكان ساكنوه أقوياء لا يستطيع أهل
الشمال على قهرهم، ولكنهم في نفس الوقت لا يستطيعون الإنتصار على أهل الشمال و تحرير
الجنوب منهم. كان معظم أهال الشرق يتركزون فى منطقة الجنوب شرق، كي يواسوا مواطني الجنوب
و يقدمون لهم كل ما في مقدرتهم من معونة و اهتمام. و قد كان الصراخ الناتج عنهم هو
صراخهم لمصدر القوة لطلب منه القوة و القدرة لخدمة الجنوب، و لطلب التعزية و العدل
و الإنتقام لمواطنيه.
أهم ما توصلت إليه
و استنتجت مما أبصرت:
- أن الذل و الظلم يتجهان
من الشمال إلى الجنوب، و الخير و الرحمة يتجهان من الجنوب إلى الشمال .
- أن التعزيات تتدفق من شمال
الشمال إلى الجنوب، والشر من جنوب الجنوب إلى الشمال.
چورچ نسيم سامي